جبهة تحرير ماسينا "الإيديولوجية الإرهابية العرقية"
تعيش جمهورية مالي الصديقة والجارة على وقع اضطرابات أمنية تنحو أحيانا إلى عنف مفرط وقتل فيما ينخفض منسوبها لفترات زمنية متفاوتة المهل.
إن الإرهاب الذي تعاني منه المناطق الحدودية بين بلادنا وجمهورية مالي والذي يأخذ طابعا عرقيا أصبح يشكل خطراً داهما وتهديدا حقيقيا للسلم الأهلي والتعايش بين المجتمعات على جانبي الحدود وهي حقيقة يجب أن تعيها سلطات البلدين وتعمل بماقتضاها على رسم استراتيجيات وخطط مشتركة للتصدي لهذه الظاهرة.
لقد بدأت الجماعات الإرهابية في نهج خطة شيطانية جديدة تهدف من خلالها لتفجير الوضع ونسف حالة الاستقرار بين سكان المناطق الحدودية من مختلف الانتماءات، فتلك الجماعات تعي جيدا أنه باستهدافها للزعامات الروحية ستتمكن من تحقيق هدفين برصاصة واحدة، أولا القضاء على تلك الشخصيات المؤثرة والتي تساهم بتحصين أتباعها ومجتمعاتها من الفكر التكفيري الإرهابي ثانيا زرع الفتنة بين المكونات الاجتماعية ما سيوفر لها تربة خصبة لتوسيع دائرة سيطرتها حال لا قدر الله نشبت فتنة بسبب استهداف أي من الزعامات الروحية، فعملية اختطاف وتصفية الخليفة العام للطريقة التيجانية هي فقط البداية وتدل على ذلك الصيغة التي تبنت بها حركة ماسينا العملية فقد حاولت طمس الحقيقة بتحملها المسؤولية عن الخطف فيما تريد الإيحاء أن عملية القتل قام بها طرف ثالث كي يكون ثأر الشيخ الورع بين أتباعه وذلك الطرف المجهول.
في محاولة للإيقاع بين مكونة الفلان النبيلة مع أي من القوميات الأخرى كما لا يستبعد أن تقوم هذه الحركة وبقية مكونات التحالف الإرهابي بدق اسفين الصراع العرقي في المنطقة بجنوحها لمزيد من عمليات الاختطاف والاغتيال بحق الشخصيات الوازنة دينيا واجتماعيا، إن المؤشرات على تصاعد منحى هذا النوع من الاستهدافات في تصاعد مضطرد وهنا نذكر عملية القتل الغامضة التي راح ضحيتها الأستاذ محمد إبراهيم ولد سيد أعمر، وغيرها من العمليات التي يبدو أنها كانت مدبرة بما فيها استهداف مواطنين موريتانيين في تخوم الأراضي المالية وفي حالات معينة أعلنت حكومة مالي عدم مسؤوليتها عن بعض تلك العمليات الدامية، والتي على ما يبدو كان الهدف من ورائها الإيقاع بين الجيشين الموريتاني والمالي كي تكون الفرصة مواتية أمام هذه التنظيمات لبسط السيطرة على رقعة جغرافية مؤهولة تتيح لها تأسيس دولتها المزعومة، لقد باتت المناطق الحدودية في احتقان صامت فالكل صار مستهدف والكل صار يخشى الآخر.
إن موريتانيا مدعوة من الآن فصاعدا لأخذ الحيطة والحذر من هذه المشاريع الإرهابية المتنامية القائمة على أساس عرقي، حيث أن استمرار حالة الفوضى هذه قد ينتج عنه ظهور تنظيم جديد يقوده بعض الموريتانيبن المتشتتين بين هذه التنظيمات ويسعى لإستقطاب الشباب الموريتاني المغرر به ويجعل من استهداف موريتانيا محور عملياته، هذا رغم أن التربة المناسبة لنمو هذا الفكر غير مهيئة في موريتانيا بسبب عمليتي التجريف الأمني الناجحة والحوار الفكري الناجع على مدار سنوات الماضية إلا أن وجود بعض من يعتنقون ذلك الفكر في حالة كمون ليس بالأمر المستبعد، وما عملية الإعتداء على مواطن أمريكي من قبل مهاجر غير شرعي موريتاني على أراض الولايات المتحدة الأمريكية التي صنفت كحادث إرهابي منا ببعيد.
إن الحصافة تستدعي من القائمين على الشأن العام في كل من موريتانيا ومالي إيجاد إطار تعاون عسكري وأمني وسياسي يجنب البلدين مخاطر تحول تحدي الإرهاب والجريمة إلى صراع يأخذ طابع توتر بين البلدين أو عمليات تصفية على أساس عرقي بين مكونات ساكنة المنطقة الحدودية.
إن التنظيمات القائمة على أساس عرقي بلبوس ديني هي الخطر القادم من وراء موجة الإغتيالات، فكثيرا ما كانت الاغتيالات الشرارة التي أشعلت الحروب وجلبت الخراب والدمار وسفك الدماء.
أتمنى إن يحظى حدث اغتيال تيرنو احمد هادي تال بما يستحق من دراسة وتحليل من قبل صناع القرار والمختصين فهو نقطة تحول لما تقبل عليه المنطقة فإما أن يتم تطويق الإرهاب ودحره أو انتشار الفوضى والعنف نسأل الله السلامة والعافية.
خونه ولد إسلمو/ المدير الناشر لموقع ملامح موريتانية